هل العلمانية محاربة للدين أم ألية لتنظيم الحكم
في عام 2012 عندما حكم الإخوان مصر قرر
أردوغان زيارة مصر،فاستقبله كتير من المصريين بحفاوة ووقف في جامعة القاهرة يتحدت
عن العلمانية وضرورة تطبيقها في مصر وأتناء مغادرته لم يودعه أحد فماهي هذه العلمانية
التي تغضب كتيرا من العرب؟وهل هي معادات للدين؟
العلمانية كفكرة هي وليدة فلسفات قديمة
تعود لزمن الإغريق ولكنها كمصطلح تبلورت في العصور الحديتة،وتحديدا فيما يعرف بعصر
الأنوار في أوروبا وقد قامت كرد فعل على حكم رجال الكنيسة لأوروبا واللذين ملئوا
فراغ الحكم بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية،ولأجل ضمان حكمهم سعوا لإشغال الناس
بأمور الآخرة وأنسوهم أمور الدنيا وما فيها وكانت الفكرة بالدعوة لآلية جديدة تنظم
أمور إدارة الدولة بعيدا عن حكم رجال الدين أو الكنيسة،والعلمانية كلمة تكتب بفتح
العين لا بكسرها وهي مشتقة من كلمة العالم أو الدنيا وليست من العلم كما هو شائع
وتعرفها دائرة المعارف البريطانية بكونها حركة إجتماعية تتجه نحو الإهتمام بالشؤون
الدنيوية بدلا من الإهتمام بالشؤون الأخروية، وقد صاغها كمصطلح الكاتب البريطاني
جورج هوليوك عام 1851 ولم تنشأ العلمانية كحركة مضادة للدين أو محاربة له وإنما
على أسس لا علاقة لها بهذا الفهم الشائع ومن أهم مبادئها كانت فصل المؤسسات
الدينية عن السياسية والمساواة بين جميع الأفراد بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية
والطائفية كما نادت بحرية ممارسة العقائد والشعائر الدينية للجميع.
ففي ظل النظام العلماني يحق للمواطن
حرية اعتناق ما شاء أو عدم اعتناق أي دين لو أراد دون تدخل الدولة ومؤسساتها
بحياته الشخصية وهذه هي نقطة خلافها مع بعض رجال الدين،اللذين يرون أن على الدولة
إجبار مواطنيها الإلتزام باعتناق دين معين وفرض شعائره عليه كما أن هناك خلافاتها
الأخرى مع بعض رجال الدين تمتلت بسحب بساط السلطة من تحت أقدامهم،فرجل الدين الذي
كان قادرا على تسيير المجتمع في ظل النظام العلماني لم يعد يمللك هذه القوة ،علما
أن العلمانية لا تمنع الدعوة والتبشير بأفكار الدين لكنها أيضا لا تسمح بإجبار
الناس عليها وأيضا هي لا تأخذ بعين الاعتبار الأحكام و التشريعات التي يسنها رجال
الدين وإنما بقوانين وضعية توافق عليها البشر،فالدولة العلمانية تعاقب المجرم في
الدنيا دون أن تتوعده بعقاب في الآخرة كما أنها تتميز عن منظومات فكرية أخرى
كالقومية متلا أو الشيوعية أو اللبرالية بأنها لا تمللك إيطارا أيديولوجيا بمعنى
أنها ليس لها آراء في الإقتصاد أو السياسة أو العلاقات الدولية، ولا تقترح شكلا
محددا للدولة أو سياسات معينة يجب اتباعها وهي كما يصرون المنظرون المعتدلون لها.
بالإضافة أنها آلية مؤسساتية مهمتها الوحيدة ضمان حياد
الدولة إزاء أديان مواطنيها،وعدم تفضيل الدولة لمعتقد ديني أو تبنيه إزاء
معتقد آخر وهي آلية يمكن تطبيقها بأي شكل من أشكال الدولة ملكية كانت أم جمهورية
أو ديكتاتورية أم ديمقراطية وهي فعالة وناجحة في الدول التي تضم بين مواطنيها
أقليات دينية وطوائف متعددة،فيه تضمن المساواة للجميع وتعطي شعور بالأمان للأقليات
فيها ما يدفع المجتمع للتماسك أكثر،كما تدفع للجميع للإنصياء لدولة القانون وأما
عن التجارب العلمانية في العالم فهي أكثر من ساهم في تشويه صورتها لاسيما في
البلاد الإسلامية، فالتجربة التركية الأتاتوركية وما نقل عنها فقد تمتلت بمحاربة
مظاهر الدين والتدين والحقيقة أن ما قام به النظام الأتتوركي ليس له الأساس في
العلمانية فهي لا تفرض على الدولة أن تجبر مواطنيها إرتداء لباس معين أو حتى نزعه،
كما حصل أو يحصل بارتداء الحجاب ومنعه فالكل حر ما لم يضر وأيضا ليس لها علاقة
بانحلال قيم المجتمع من عدمه أو انتشار التدين أو انحساره، فالمتدين قادر على
العيش في الدولة العلمانية وكذللك الغير متدين والإصرار على كونها فكرة مناهضة
للدين هو سعي لمحاولة تشويه المعنى والمصطلح الذي نشأ للحد من إستغلال الدين من
قبل السلطة، بهذف تغييب مواطنيها عما يجري في الواقع
تعليقات: 0
إرسال تعليق